الأحد، 8 نوفمبر 2020

و يجعل الله فيه خيرا كثيرا

و يجعل الله فيه خيرا كثيرا

قال تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰٓ أَن تَكْرَهُواْ شَيْـًٔا وَيَجْعَلَ ٱللَّهُ فِيهِ خَيْرًا كَثِيرًا)[النساء,19]

لمعت هذه الآية كالبرق في عقلي و تردد صداها بصوت الشيخ المنشاوي في أذني فجحظت عيناي تعجبا من حكمة الله تعالى . 
ولدت في الصعيد حيث الرجال هم الأصل و النساء فروع ، حتى أمي – و هي إحداهن – كانت تربينا على الإعتزاز بأنفسنا و التعالي في التعامل مع أخواتنا ، فلم تسمح لأحد منا أن يلين في التعامل معهن أو يسمح لهن بإبداء رأي . هكذا نشأت و هكذا كانت قناعتي إلى أن أراد الله أن يفتح عيني على الحق . 
تزوجت زيجة عادية حيث اختارت أمي زوجتي من عائلة ذات شأن كما فعلت مع أخوتي بأمر أبي ، و لكن زوجتي كانت مختلفة عن البقية كما كانت عائلتها كذلك . في عائلتنا مثلا لا نورث النساء بل نكتفي بهبة من الميراث و يوزع الباقي على الرجال ، و لا نهتم كذلك بتعليمهن و كانت زوجتي خريجة جامعة لذلك كانت دائما تناقشني في كل أمر و رغم أن حجتها دائما كانت مقنعة إلا أنني لم استسلم لرأيها أبدا . 
زادت بيننا الخلافات و أصبح البيت بالنسبة لي مكانا لألم الرأس و العصبية و النزاع ، زاد الأمر سوء أنها لم تنجب سوى البنات ، واحدة فثانية ثم ثالثة و الأسوأ أنها تحدتني بالامتناع عني عندما عرفت برغبتي في الزواج ثانية لأنجب الولد ، فطلقتها . 
مضت الأيام بعيدا عنها و عن بناتي كئيبة فزوجتي الثانية كثيرة المطالب كما أنها لحوحة فقد جعلتني على مدار سنين أزور معها عدد مهول من الأطباء و الأولياء لأننا لم نستطع الإنجاب ، و كأن الله كان يعاقبني على ما فعلت بزوجتي الأولى ، ثم تحول ما ظننته عقاب إلى بلاء . 
أصبت بمرض عضال عجز الأطباء عن تشخيصه و قالوا أنه حالة نادرة لا تحدث إلا مرة في المليون ، و لم تتحمل زوجتي الثانية الضعف الذي حل بي ، لم تتحمل ثقل حركتي و حاجتي إلى المعاونة حتى في أبسط أموري الشخصية فهجرتني . 
و إذا بالأولى تعود ، تعود و معها أموال كثيرة ورثتها من أبيها ، تعود و معها بناتي الثلاثة و قد أصبحت الكبيرة طالبة في كلية الطب ، تعود و معها الحنان و الأمان . 
لم تتوان عن خدمتي لحظة و لم تدخر من مالها جنيها إلا و انفقته على علاجي ، كنت أتمنى أن أقول لها كم أحبها و كم أنا حقا آسف على ما فات من عمري بعيدا عنها . 
و لكن الله تعالى يعلم ما تخفي الصدور و قد قبل أسفي . استطاعت ابنتي الكبرى من خلال أحد الأساتذة في كليتها أن ترسل ما قمت به من تحاليل و أشعة إلى أحد المراكز الطبية الكبيرة بأوروبا و قالوا أنهم توصلوا لعلاج لحالتي ، فأنفقت زوجتي آخر ما تبقى من ميراثها لتحضره . 

الحمد لله شفيت ، و يوم شفائي أنار الحق في عقلي فكانت أولى كلماتي لزوجتي يوم عاد لي النطق : و يجعل الله فيه خيرا كثيرا ..
تمت ..
#كريم_إبراهيم

الخميس، 27 أغسطس 2020

متلازمة الناجي

#عقدة_ذنب_النجاة أو #متلازمة_الناجي

مصطلح عقدة ذنب الناجي حقق شهرته أثناء فترة الستينات إذ أن عددًا من الأطباء النفسيين وصفوا أعراضًا مشابهة للأعراض لدى الناجين من الهولوكوست، ومنذ هذا الوقت، تمت ملاحظته عبر العديد من المواقف.
عقدة ذنب الناجي لا تتضمن بالضرورة مواقف حياة أو موت، فقد يشعر العمال بالذنب عندما يتم فصل زملائهم بالعمل.
هذا يحدث في حالات التسريح الجماعي إذ يحتفظ القليل بمكانهم، هؤلاء قد يشعروا أنهم تُركوا بسبب الحظ لا بسبب جدارتهم أو مجهودهم.
الأعراض:
إن مدى وشدة الشعور بالذنب متغيرة، قد يشعر البعض بالأسى، بينما يغرق آخرون بتأنيب الضمير.
أعراض عقدة ذنب الناجي قد تتضمن:
– الشعور بالذنب.
– كوابيس.
– الشعور بالعجز.
– القلق.
– أفكار انتحارية.

الأعراض الجسدية:
– تنميل.
– صعوبة بالنوم.
– ألم بالمعدة.
– ضربات قلب متسارعة.

بعض العوامل الأخرى التي قد تزيد من فرص حدوث عقدة ذنب الناجي:
– بعد الصدمة: بعض الأبحاث تشير إلى أن تجربة الصدمة في الطفولة قد يزيد من الشعور السلبي بعد حوادث مهددة للحياة في فترات أخرى.
– إذا كان هناك تاريخ للإكتئاب.
– قلة تقدير الذات: الأشخاص ذوو قلة تقدير الذات قد يقللوا من حالتهم، عندما يواجهوا تجربة نجاة بينما هلك آخرون، قد يتساءلوا ما إذا كانوا يستحقون هذا الحظ وقد يؤدي لإحساسهم بالذنب.
– قلة الدعم: الأشخاص الذين لا يملكون شبكة قوية من الدعم المجتمعي تزداد فرص شعورهم بعقدة ذنب الناجي.
– ضعف مهارات التكيف: صغار السن الذين يواجهون أحداث مأساوية قد يشعروا بتأثير عقدة ذنب الناجي بشكل أقوى من الأكبر سنًا ذوو مهارات التكيف الأفضل؛ إذ أن لديهم –صغار السن- خبرة وثقة أقل في قدرتهم على التصرف أثناء الأحداث الصعبة.

إذن متلازمة الناجي حالة نفسية من القلق والاكتئاب تصيب الفرد الذي يعتقد أنه ارتكب خطأ لأنه نجا من حدث ضار كحرب أو مجزرة أو كارثة طبيعية، بينما فشل الآخرون في ذلك. استطاع علماء النفس فرز هذه الحالة المرضية في ستينات القرن الماضي بعد الحرب العالمية الثانية، عندما تمَّ عزل مجموعة من الأعراض المتطابقة التي أصابت الناجين من أهوال الحرب العالمية التي قضى فيها نحو ستين مليون شخص.

و الآن بعض السوريين الموجودين في الخارج كانوا هناك قبل اندلاع الثورة السورية. آخرون شرعوا بالخروج مع بدايتها. أول الخارجين لم يكونوا من معارضي النظام، بل كانوا رجال الأعمال الموالين له والذين راكموا الثروات بفضله. هؤلاء غزوا فنادق بيروت ودبي منذ الأيام الأولى للانتفاضة. وهم أنفسهم الذين وجَّهوا أول ضربة لليرة السورية عندما أخذوا يسحبون ودائعهم من المصارف السورية ويخرجون بها إلى مواطنهم الجديدة.
ثمة بالطبع من خرج من سوريا بسبب خوفه من الاعتقال أو التشبيح، أو بسبب انقطاع موارد رزقه. ثمة من خرج خوفاً وبحثاً عن الأمن والسلامة لأطفاله. هؤلاء وأولئك يتوزعون في لبنان ومصر والأردن وتركيا والولايات المتحدة وكندا وأوروبا ودول الخليج، ولكن عقولهم وقلوبهم مصوبة دوما نحو الوطن.

متلازمة الناجي لا تنطبق بالطبع على الذين هُجِّروا من بيوتهم رغما عنهم إلى مخيمات البؤس والبرد والحر في تركيا ولبنان والأردن. فهؤلاء ليسوا ناجين بأي حال من الأحوال. إنهم ضحايا، مثلهم مثل من قضى تحت القصف أو الجوع أو الاعتقال.

و أيضا هناك حالات فردية .. نقلت شبكة «سكاي نيوز» عن مسؤولين أمريكيين قولهم إن «سيدني» نجت من حادثة إطلاق النار الجماعي في مدرسة ثانوية في باركلاند شمال مدينة ميامي، في فبراير من العام الماضي؛ ما تسبب في مقتل 14 تلميذًا وثلاثة من طاقم المدرسة، وأثار حملة غضب واسعة ضد فوضى الأسلحة في الولايات المتحدة.

ورغم تخرُّج الفتاة السنة الماضية، عانت من مشكلات نفسية مريرة لم تتمكن من تجاوزها بعد التجربة السيئة التي عاشتها في حادث إطلاق النار. وفسَّر الأطباء مشكلتها بأنها اضطراب ما بعد الصدمة، كما عانت الشابة من متلازمة معروفة في أوساط الطب النفسي بـ«ذنب عقدة النجاة».

#كريم_إبراهيم

الثلاثاء، 30 يونيو 2020

المدينة الجامعية

المدينة الجامعية

أخيرأ انهيت مرحلة الدراسة بالمدرسة وانطلقت الأن إلى مرحلة الدراسة الجامعية ، لقد كانت حلماً بعيد المنال ، ولكن ها أنا الآن أعيشه واقعاً ملموساً ، وكالعادة فى بلدى لا تستطيع بسهولة أن تحصل على الدرجات التى تُدخلك الكلية التى تتمناها دون عناء ، فلقد كانت نصف درجة سبباً فى إنتقالى من محافظتى إلى محافظة أخرى ، ولكن الحمدلله أستطعت أن أجد مكاناً فى المدينة الجامعية وها أنا أضع أغراضى فى غرفتي وأستعد للتوجه إلى ساحة الإستقبال الداخلية لعلى أتعرف فيها على أحد الزملاء يكون من محافظتي أو زميلاً فى الكلية .
يتكون المبنى الذى أسكن فيه من ستة طوابق .. الطابق الأول أو الأرضى هو طابق الإستقبال يوجد به مجموعة من الكراسى والانتريهات وشاشة تلفاز كبيرة ويوجد به باب زجاجى ندخل منه إلى قاعة واسعة وضعت بها مناضد وكراسى هى قاعة الطعام .
أما بقية الطوابق فجميعها غرف للنوم ، خارج هذا المبنى يوجد ملعب بمساحة ملعب كرة القدم مقسم إلى عدة ملاعب ( كرة سلة – كرة طائرة – كرة قدم خماسى ) وفى نهاية الملعب يوجد مبني قديم الشكل مكون من ثلاثة طوابق ، قيل لى أنه مكاناً لتخزين الطعام والمعدات وأدوات الصيانة ولا يدخله أحد من الطلاب إنما هو مكان للعمال فقط .
كان الوقت مسائاً وكان الجميع يستعدون إلى الذهاب إلى غرفهم عندما صاح بصوت عالٍ أحد الزملاء يجمع البقية حوله ثم قام بتعريف نفسه بأنه أقدم الطلاب فى هذة المدينة الجامعية وقال أن هناك قصة لاستقبال كل الوافدين الجدد تُروى فى كل عام ، وأنه سيقصها علينا الأن ..
بدأ فى القول أن المبني القديم المكون من ثلاثة طوابق الموجود فى أخر الملعب تم إنشائه أثناء الإحتلال ، وكانت هذة الأرض هى معسكر من معسكرات المحتل ولم يكن المبني الذى نقيم فيه الآن موجود ثم تحولت الأرض بالمباني التى عليها إلى مدينة جامعية بعد جلاء الإحتلال .
فى هذا المبنى القديم المكون من ثلاثة طوابق كانت توجد كتيبة صغيرة من الجنود يرأسهم عقيد شاب فى الثلاثينات من عمره هو المسئول عن هذة الوحدة، ويحكى أنه فى يومٍ من الأيام حضرت إحدى الفتيات التى تعمل فى أحد الملاهى الليلية إلى المعسكر لتطمأن على صحة هذا العقيد فقد ربطت بينما علاقة محبة عندما تعرف عليها خلال أحد سهراته فى الملهى الليلى التى تعمل به ، وسبب حضورها للسؤال عنه هو غيابه عن الذهاب إليها لمدة طويلة ، وكان سبب هذا الغياب أن هذا العقيد كان مريض أصابته حمى أرقدته فى سريره ، وعندما حضرت هذه الفتاة وسألت عنه سُمح لها بالدخول فدخلت إلى غرفته وأطمانت عليه وأثناء إنصرافها مرت بالخطأ من غرفة تحتوى على اثني عشر مجنداً من جنود الإحتلال، كان هؤلاء الجنود ليسوا من الأفراد المحسوبين على هذا المعسكر إنما كانوا مجموعة تقوم بمهام فى الصحراء منذ فترة طويلة لم تشهد عيونهم أنثى منذ ما يقرب السنة الكاملة ، عندما سقطت عيونهم على هذه الفتاة ألتفوا حولها كالذئاب وقاموا بإغتصابها ثم قتلوها وعندما تحامل العقيد على نفسه بعدما سمع صراخها وقام ليبحث عنها وصل متأخرا و وجدها ملقاة على الأرض غارقة فى دمائها فامسك سلاحه وقام بإطلاق النار على الجنود الواقفين امامه جميعاً ثم أطلق النار على نفسه .
أنهى الطالب القديم الذى كان يقص علينا هذه القصة كلامه ثم أبتسم أبتسامة خبيثة و ودعنا جميعاً ، وانصرفنا نحن كذلك كلأ إلى غرفته .
ظننت أن هذه القصة التى يرويها ما هى إلا قصة لإيخافتنا وترويعنا كنوعٍ من أنواع الدعابة من الطلاب القدامى مع الوفد حديث الوصول ، ولكن ما حدث فى هذه الليلة كان شيئاً عجيباً لم أستطع أن أصدقه إلى الآن .. لقد قمت من نومى قبل موعد صلاة الفجر بنصف ساعة حتى أستعد للصلاة ، وعندما خرجت من الغرفة متوجه إلى دورة المياة كانت الإضائة فى الممر ترتعش إرتعاشة شديدة تطفئ ثم تضيئ مرات متكررة ، وخلال الظلام والنور لمحت فتاة فى ثوب أبيض ملطخ بالدماء تقف فى نهاية الممر، ثم فركت عيني بيدي لعلها تكون هلاوس النوم الذى لا يزال يسيطر علي ، وفجأة وجدتها تقف أمامى وتصرخ فى وجهى صرخة كادت تصم أُذنى فأغشى علي . أفقت بعدها بدقائق على ما اعتقد وكانت الإضائة فى الممر ثابتة ولا يوجد أى أثر لهذه الفتاة ، أستعذت بالله من الشيطان الرجيم وتوجهت إلى دورة المياة و توضأت وصليت الفجر .
وفى صباح اليوم التالى ذهبت لابحث عن الطالب الذى روى لنا هذه القصة فوجدته وذهبت إليه مباشرة وسألته : هل القصة التى رويتها لنا بالأمس قصة حقيقية ، فضحك ضحكة عالية غريبة ثم قال : يبدو أنك رأيتها و تركنى وأنصرف .
وقفت فى مكانى برهة أستوعب ما قال ثم اتخدت قرارى لن أذهب إلى الجامعة اليوم ، اليوم سأتأكد من حقيقة هذه القصة ، خرجت من باب المدينة الجامعية متوجهاً إلى أقرب مقهى وجلست بها وطلبت كوباً من الشاى ثم بدأت أتجاذب أطراف الحديث مع احد الجالسين على المقهى بجوارى وكان رجلاً كبيراً فى السن ، فسألته : هل أنت من سكان هذه المنطقة ، فأجاب : نعم يا بنى أنا أسكن هنا من يوم ولدت , فتشجعت وسألته : هل تعلم شيئأ عن الأشباح التى تسكن المدينة الجامعية ، فقال: بالتأكيد يا ولدى ومن هنا لا يعلم عنها لقد رأينا بأعيننا طلابا يخرجون من هذا الباب إما ميتين أو مأخوذين إلى مستشفى الأمراض النفسية .
ثم سألته بشغف شديد وهل تعلم كيف آل بهم الأمر إلى هذا الحال ؟ ، فقال: أظن يا ولدى أنك ستجد كل الإجابات التى تريدها عند " الأستاذ على " صاحب المكتبة التى فى نهاية الشارع .
حاسبت على الشاى وذهبت مسرعاً إلى المكتبة ودخلتها فوجدتها مكتبة عادية تحتوى على كتب وأوراق وأقلام وكراريس وبعض الأشياء التى يحتاجها الطلاب ويوجد بها رجلا فى الخمسين من عمره فسالته: حضرتك الاستاذ على ، فأجاب : نعم يابنى تحت أمرك ، فترددت قليلاً ثم قلت له : فى الحقيقة كنت أريد أن أسألك عن ما يحدث فى المدينة الجامعية ، لم يتردد فى رده عليا بل سحب على الفور كتاباً يشبه ألبوم الصور من درج المكتب الذى كان يجلس عليه و وضعه فى يدى ففتحت الكتاب وانا اتعجب مما بداخله لقد كانت كلها قصاصات من الجرائد والمجلات تروى قصصاً عن شباب خرجوا من المدينة الجامعية إما مقتولين وإما محمولين إلى مستشفى الأمراض النفسية .
وفى الحقيقة لم يصدمنى كثيراً الذين أُخذوا إلى مستشفى الأمراض انفسية ، ولكن صدمنى أكثر الذين قُـتلوا فقد كانت كل الجرائد تقول أنهم ماتوا بنفس الطريقة ، لقد ماتوا جميعا ً مخنوقين وكأن حبلاً لف حول رقبتهم ولم يوجد أثر لهذا الحبل .
لم تنشغل الجرائد كثيراً فى تفسيرها لحالات الطلاب الذين انهارت أعصابهم وذهبوا إلى مستشفى الأمراض النفسية ، ولكن السؤال الذى طُرح فى جميع المقالات التى كانت تتحدث عن الذين ماتوا كيف خنقوا ومن ذا يملك القوة لخنق شابً فى هذا السن وبهذه القوة - وأين يوجد الحبل الذين خُنقوا به ؟ لقد أثارت هذه القصص تساؤلات كثيرة حول المدينة الجامعية ولكنها مع ذلك استمرت تستقبل الطلاب لان هذه الجرائم كانت تتم على فترات متابعدة قد تصل إلى سنين .
وعندما انتهيت من هذا الألبوم العجيب وجدت نفسى أقص " للاستاذ على " ما حدث لى بالامس فقد ارتحت له فهو شخص هادئ الطباع بشوش الوجه ، عندما سمع القصة منى أخبرنى بأنها تظهر فقط فى المبنى الجديد ولا تؤذى احداً به ، وأن الطلاب الذين ماتوا كانوا من المتسللين إلى المبنى القديم الذى حدثت فيه هذه الجريمة البشعة ، فسألته :هل من طريقة تمنع ظهورها أو تنهى هذه المأساة – فأجاب ببساطة : لا أظن أن ذلك يحدث أبداً يا بني ، سلمت عليه وتركته وذهبت إلى غرفتى بالمدينة الجامعية وضعت أغراضى فى الحقيبة و ركبت أول قطار عائد إلى مدينتى ثم قدمت ورق تحويلى من الكلية التى قبلنى بها التنسيق إلى كلية أقل فى المجموع و لكن فى مدينتى حتى أكون فى منزلنا بجوار أبى و أمي ولم تكن النصف درجة هى العامل الوحيد الذى حدد مستقبلي الجامعى .
تمت
#كريم_إبراهيم

الثلاثاء، 16 يونيو 2020

سلسلة علامات الساعة الكبرى ٢

نزول عيسى ابن مريم عليهما السلام



هُوَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ عليه السلام، مِنْ أُولِي العَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ، وَنُزُولُهُ عليه السلام فِي آخِرِ الزَّمَانِ مِنَ العَلَامَاتِ الكُبْرَى لِلسَّاعَةِ.

قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِنَّهُ لَعِلْمٌ لِلسَّاعَةِ ﴾ [الزخرف: 61]، وَفِي قِرَاءَةٍ مَرْوِيَّةٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٍ وَغَيْرِهِمَا: (وَإِنَّهُ لَعَلَمٌ لِلسَّاعَةِ) بِفَتْحِ العَيْنِ وَاللَّامِ[1].

 

• أَدِلَّةُ وُجُودِ عِيسَى عليه السلام حَيًّا إِلَى الآنِ:

يَعْتَقِدُ اليَهُودُ وَالنَّصَارَى أَنَّ المَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مْرَيَمَ عليه السلام قُتِلَ وَصُلِبَ، وَأَنَّهُ الآنَ فِي عِدَادِ المَوْتَى، قَالَ تَعَالَى مُخْبِرًا عَنْهُمْ: ﴿ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ ﴾ [النساء: 157].

وَأَمَّا المُسْلِمُونَ فَيَعْتَقِدُونَ فِيهِ مَا أَخَبَرَ اللهُ تعالى بِهِ، مِنْ كَوْنِهِ رُفِعَ إِلَى السَّمَاءِ حَيًّا، وَلَا يَزَالُ حَيًّا إِلَى أَنْ يَنْزِلَ فِي آخِرِ الزِّمَانِ حَكَمًا عَدْلًا، فَيَكْسِرُ الصِّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الخِنْزِيرَ، وَيَقْتُلُ المَسِيحَ الدَّجَّالَ، ثُمَّ يَمُوتُ فِي الأَرْضِ بَعْدَ ذَلِكَ.

قَالَ تَعَالَى رَادًّا عَلَى أَهْلِ الكِتَابِ قَوْلَهُمْ بموت المسيح: ﴿ وَقَوْلِهِمْ إِنَّا قَتَلْنَا الْمَسِيحَ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ رَسُولَ اللَّهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 157، 158]

وَقَالَ تَعَالَى: ﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ ﴾ [آل عمران:55].

 

قَالَ شَيْخُ الإِسْلَامِ ابْنُ تَيْمِيَّةَ:

"عِيسَى عليه السلام حَيٌّ، وَقَدْ ثَبَتَ فِي "الصِّحِيحِ" عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ: "يَنْزِلُ فِيكُمُ ابنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا، وَإِمَامًا مُقْسِطًا، فَيَكْسِرُ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلُ الخِنْزِيرَ، وَيَضَعُ الجِزْيَةَ"، وَثَبَتَ فِي "الصَّحِيحِ" عَنْهُ: أَنَّهُ يَنْزِلُ عَلَى المَنَارَةِ البَيْضَاءِ شَرْقَيْ دِمَشْقَ، وَأَنَّهُ يَقْتُلُ الدَّجَّالَ، وَمَنْ فَارَقَتْ رُوحُهُ جَسَدَهُ، لَمْ يَنْزِلْ جَسَدُهُ مِنَ السَّمَاءِ، وَإِذَا أُحْيِيَ فَإِنَّهُ يَقُومُ مِنْ قَبْرِهِ.

وَأَمَّا قَوْلُهُ تَعَالَى: ﴿ إِذْ قَالَ اللَّهُ يَاعِيسَى إِنِّي مُتَوَفِّيكَ وَرَافِعُكَ إِلَيَّ وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ﴾ [آل عمران: 55]

فَهَذَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْنِ بِذَلِكَ المَوْتَ؛ إِذْ لَوْ أَرَادَ بِذَلِكَ المَوْتَ لَكَانَ عِيسَى فِي ذَلِكَ كَسَائِرِ المُؤْمِنِينَ، فَإِنَّ اللهَ يَقْبِضُ أَرْوَاحَهُمْ وَيَعْرُجُ بِهَا إِلَى السَّمَاءِ، فَعُلِمَ أَنَّهُ لَيْسَ فِي ذَلِكَ خَاصِّيَّةٌ، وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ: وَمُطَهِّرُكَ مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا ، وَلَوْ كَانَ قَدْ فَارَقَتْ رُوحُهُ جَسَدَهُ لَكَانَ بَدَنُهُ فِي الأَرْضِ كَبَدَنِ سَائِرِ الأَنْبِيَاءِ.

 

وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ وَإِنَّ الَّذِينَ اخْتَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَكٍّ مِنْهُ مَا لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّبَاعَ الظَّنِّ وَمَا قَتَلُوهُ يَقِينًا * بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ وَكَانَ اللَّهُ عَزِيزًا حَكِيمًا ﴾ [النساء: 157، 158]

فَقَوْلُهُ هُنَا: ﴿ بَلْ رَفَعَهُ اللَّهُ إِلَيْهِ ﴾ يُبَيِّنُ أَنَّهُ رَفَعَ بَدَنَهُ وَرُوحَهُ، كَمَا ثَبَتَ فِي "الصَّحِيحِ" أَنَّهُ يَنْزِلُ بِبَدَنِهِ وَرُوحِهِ؛ إِذْ لَوْ أُرِيدَ مَوْتُهُ لَقَالَ: وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ، بَلْ مَاتَ.

وَلِهَذَا قَالَ مَنْ قَالَ مِنَ العُلَمَاءِ: ﴿ إِنِّي مُتَوَفِّيك ﴾ َ أَيْ: قَابِضُكَ، أَيْ: قَابِضُ رُوحَكَ وَبَدَنَكَ، يُقَالُ: تَوَفَّيْتُ الحِسَابَ وَاسْتَوْفَيْتُهُ.

 

وَلفْظَةُ التَّوَفِّي لَا يَقْتَضِي نَفْسُهُ تَوَفِّي الرُّوحِ دُونَ البَدَنِ، وَلَا تَوفَيِّهِمَا جَمِيعًا، إِلَّا بِقَرِينَةٍ مُنْفَصِلَةٍ.

وَقَدْ يُرَادُ بِهِ تَوَفِّي النَّوْمِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى: ﴿ اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا ﴾ [الزمر: 42] ، وَقَوْلِهِ:﴿ وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ مَا جَرَحْتُمْ بِالنَّهَارِ ﴾ [الأنعام: 60] ، وَقَوْلِهِ: ﴿ حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا ﴾ [الأنعام: 61] "اهـ[2].

 

صِفَةُ نُزُولِهِ، وَمَهَامُّهُ عليه السلام:

بَعْدَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ، وَإِفْسَادِهِ فِي الأَرْضِ، يَبْعَثُ اللهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ عليه السلام لِيَقْتُلَهُ، وَيَحْكُمَ بِالقِسْطِ،ِ وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ، وَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ وَيَعُمَّ الخَيْرُ.

وَفِي حَدِيثِ النَّوَّاسِ بْنِ سَمْعَانَ صِفَةُ نُزُولِهِ وَالمَكَانُ الَّذِي يَنْزِلُ فِيهِ، وَقَتْلُهُ لِلدَّجَّالِ، فَفِي الحَدِيثِ بَعْدَ ذِكْرِهِ لِلدَّجَّالِ قَالَ صلى الله عليه وسلم: "فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ بَعَثَ اللهُ المَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، فَيَنْزِلُ عِنْدَ المَنَارَةِ البَيْضَاءِ شَرْقِيَّ دِمَشْقَ، بَيْنَ مَهْرُودَتَيْنِ، وَاضِعًا كَفَّيْهِ عَلَى أَجْنِحَةِ مَلَكَيْنِ، إِذَا طَأْطَأَ رَأْسَهُ قَطَرَ، وَإِذَا رَفَعَهُ تَحَدَّرَ مِنْهُ جُمَانٌ كَاللُّؤْلُؤِ، فَلَا يَحِلُّ لِكَافِرٍ يَجِدُ رِيحَ نَفَسِهِ إِلَّا مَاتَ، وَنَفَسُهُ يَنْتَهِي حَيْثُ يَنْتَهِي طَرْفُهُ، فَيَطْلُبُهُ حَتَّى يُدْرِكَهُ بِبَابِ لُدٍّ، فَيَقْتُلَهُ، ثُمَّ يَأْتِي عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ قَوْمٌ قَدْ عَصَمَهُمُ اللهُ مِنْهُ، فَيَمْسَحُ عَنْ وُجُوهِهِمْ وَيُحَدِّثُهُمْ بِدَرَجَاتِهِمْ فِي الجَنَّةِ، فَبَيْنَمَا هُوَ كَذَلِكَ إِذْ أَوْحَى اللهُ إِلَى عِيسَى: إِنِّي قَدْ أَخْرَجْتُ عِبَادًا لِي، لَا يَدَانِ لِأَحَدٍ بِقِتَالِهِمْ، فَحَرِّزْ عِبَادِي إِلَى الطُّورِ وَيَبْعَثُ اللهُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ"[3].

وَعَنْ أَبِي هُرْيَرَةَ رضي الله عنه قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَيُوشِكَنَّ أَنْ يَنْزِلَ فِيكُمُ ابنُ مَرْيَمَ حَكَمًا عَدْلًا، فَيَكْسِرَ الصَّلِيبَ، وَيَقْتُلَ الخِنْزِيرَ، وَيَضَعَ الجِزْيَةَ، وَيَفِيضَ المَالُ، حَتَّى لَا يَقْبَلَهُ أَحَدٌ، حَتَّى تَكُونَ السَّجْدَةُ الوَاحِدَةُ خَيْرًا مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا"، ثُمَّ يَقُولُ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه: وَاقْرَءُوا إِنْ شِئْتُمْ: ﴿ وَإِنْ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ إِلَّا لَيُؤْمِنَنَّ بِهِ قَبْلَ مَوْتِهِ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكُونُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا ﴾ [النساء: 159] [4].

فَقَدْ فَسَّرَ أَبُو هُرَيْرَةَ رضي الله عنه الآيَةَ، بِأَنَّ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ مَنْ سَيُؤْمِنُ بِهِ عليه السلام قَبْلَ مَوْتِهِ، وَذَلِكَ عِنْدَ نُزُولِهِ عليه السلام آخِرَ الزَّمَانِ.

 

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أَيْضًا: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "الأَنْبِيَاءُ إِخْوَةٌ لِعَلَّاتٍ؛ أُمَّهَاتُهُمْ شَتَّى، وَدِينُهُمْ وَاحِدٌ، وَأَنَا أَوْلَى النَّاسِ بِعِيسَى ابنِ مَرْيَمَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَكُنْ بَيْنَهُ وَبَيْنِي نَبِيٌّ، وَإِنَّهُ نَازِلٌ... فَيُهْلِكُ اللهُ فِي زَمَانِهِ المَسِيحَ الدَّجَّالَ، وَتَقَعُ الأَمَنَةُ عَلَى الأَرْضِ حَتَّى تَرْتَعَ الأُسُودُ مَعَ الإِبِلِ، وَالنِّمَارُ مَعَ البَقَرِ، وَالذِّئَابُ مَعَ الغَنَمِ، وَيَلْعَبُ الصِّبْيَانُ بِالحَيَّاتِ لَا تَضُرُّهُمْ"[5].

وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "كَيْفَ أَنْتُمْ إِذَا نَزَلَ ابنُ مَرْيَمَ فِيكُمْ وَإِمَامُكُمْ مِنْكُمْ؟"[6].

وَعَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ رضي الله عنهما قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يقول: "لَا تَزَالُ طَائِفَةٌ مِنْ أُمَّتِي يُقَاتِلُونَ عَلَى الحَقِّ ظَاهِرِينَ إِلَى يَوْمِ القِيَامَةِ"، قَالَ: "فَيَنْزِلُ عِيسَى ابنُ مَرْيَمَ فَيَقُولُ أَمِيرُهُمْ: تَعَالَ صَلِّ لَنَا، فَيَقُولُ: لَا، إِنَّ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ أُمَرَاءَ، تَكْرِمَةَ اللهِ هَذِهِ الأُمَّةَ"[7].

 

مُدَّةُ بَقَائِهِ فِي الأَرْضِ بَعْدَ نُزُولِهِ، وَوَفَاتُهُ عليه السلام:

عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "... فَيَمْكُثُ فِي الأَرْضِ أَرْبَعِينَ سَنَةً، ثُمَّ يُتَوَفَّى فَيُصَلِّي عَلَيْهِ المُسْلِمُونَ"[8].

وَجَاءَ فِي "صَحِيحِ مُسْلِمٍ" عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ رضي الله عنهما، أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "فَيَبْعَثُ اللهُ عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ كَأَنَّهُ عُرْوَةُ بْنُ مَسْعُودٍ، فَيَطْلُبُهُ فَيُهْلِكُهُ، ثُمَّ يَمْكُثُ النَّاسُ سَبْعَ سِنِينَ، لَيْسَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَةٌ، ثُمَّ يُرْسِلُ اللهُ رِيحًا بَارِدَةً مِنْ قِبَلِ الشَّأْمِ، فَلَا يَبْقَى عَلَى وَجْهِ الأَرْضِ أَحَدٌ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ خَيْرٍ أَوْ إِيمَانٍ إِلَّا قَبَضَتْهُ"[9].

وَقَدْ أَشْكَلَ هَذَا عَلَى بَعْضِ العُلَمَاءِ، وَحَاوَلَ بَعْضُهُمُ الجَمْعَ بَيْنَ الحَدِيثَيْنِ.

 

قَالَ ابْنُ كَثِيرٍ رضي الله عنه: "وَيُشْكَلُ بِمَا فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ أَنَّهُ يَمْكُثُ فِي الأَرْضِ سَبْعَ سِنِينَ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ تُحْمَلَ هَذِهِ السَّبْعَ عَلَى مُدَّةِ إِقَامَتِهِ بَعْدَ نُزُولِهِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ مُضَافًا لِمُكْثِهِ بِهَا قَبْلَ رَفْعِهِ إِلَى السَّمَاءِ، فَعُمْرُهُ إِذْ ذَاكَ ثَلَاثٌ وَثَلَاثُونَ سَنَةً بِالمَشْهُورِ"[10].

قُلْتُ: وَالظَّاهِرُ - وَاللهُ أَعْلَمُ - أَنَّ حَدِيثَ أَبِي هُرْيَرَةَ رضي الله عنه نَصٌّ فِي تَحْدِيدِ مُدَّةِ بَقَائِهِ عليه السلام عَلَى الأَرْضِ فِي آخِرِ الزَّمَانِ، وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ العَاصِ فَلَيْسَ فِي تَحْدِيدِ مُدَّةِ بَقَائِهِ، وَإِنَّمَا فِي تَحْدِيدِ المُدَّةِ الَّتِي يَمْكُثُ فِيهَا النَّاسُ لَيْسَ بَيْنَ اثْنَيْنِ عَدَاوَةٌ. وَاللهُ أَعْلَمُ.

المصادر :

[1] انظر "تفسير الطبري" (25/ 90- 91).

[2] "مجموع الفتاوى" (4/ 322- 323).

[3] أخرجه مسلم (2937).

[4] متفق عليه: أخرجه البخاري (3448) واللفظ له، ومسلم (155).

[5] أخرجه أحمد (2/ 406 بهامشه منتخب الكنز)، قال ابن حجر في "فتح الباري" (6/ 493): إسناده صحيح.

[6] متفق عليه: أخرجه البخاري (3449)، ومسلم (155).

[7] أخرجه مسلم (156)

[8] أخرجه أحمد (2/ 406، بهامشه منتخب الكنز)، وأبو داود (4324)، وَقَالَ ابن حجر (6/ 493): صحيح، وصححه الألباني في "الصحيحة" (2182).

[9] أخرجه مسلم (2940).

[10] انظر "النهاية في الفتن والملاحم" (1/ 146).

الأحد، 7 يونيو 2020

قراءة في أدب الرعب و الغموض

قراءة في أدب الرعب والغموض

أدب الرعب في مصر

يعتبر أدب الرعب في مصر من أنواع الأدب الحديثة نسبية فهو لم يكمل عامه الثلاثون بعد، ولكن استطاع أدب الرعب خلال السنوات الأخيرة جذب عدد كبير من الشباب للقراءة لما يحمله هذا الفن من أحداث متسارعة وتشويق وهذا مما يخلق حالة من المتعة الخاصة لدى القارئ.

لذلك بدأ يظهر جيل جديد ممن تربوا علي هذا النوع من الأدب وكانت لهم تجاربهم الخاصة في عالم أدب الرعب وآرائهم المختلفة، فيرى الكاتب الشاب عمرو المنوفي أن أدب الرعب وانتشاره بين الشباب، أحيانًا يكون كنوع من الموضة العابرة أو "التريند" كما يقولون هذه الأيام، ومنذ عدة سنوات أصبحت كتابة الرعب والخيال بشكل عام بأنواعه المتعددة رائجة بين جميع الطوائف لا الشباب وحدهم

فيظهر مثلا فريق "المخوفاتية" يجسد تجربة مختلفة على مجتمعنا، فهو يقيم ندوات لمناقشة قضايا الرعب وتاريخها وأصولها وأشهر الشائعات المنتشرة عن الجن والعفاريت، وكوّن فريق المخوفاتية الكاتبان سامي ميشيل وأحمد مسعد وهم كتاب لأدب الرعب وقدموا روايتهم الأولى "خطايا أدم" عام 2017 التي كتباها بشكل مشترك ورواية خلف الستار للكاتب أحمد مسعد. كما يظهر فريق عوالم شيطانية للكاتب فارس عمرو

و لن نجد هؤلاء الشباب توقفوا عند الكتابة بل استمروا في تقديم ندواتهم عن أدب الرعب في أكثر من محافظة مثل الإسكندرية والقاهرة والزقازيق وبورسعيد والمنصورة، ولا يقتصر اهتمامهم بالرعب في الأدب الروائي وتقديم الندوات فقط ولكنهم كتبوا عددًا من قصص الرعب للإذاعة وصل حتى الآن 35 قصة رعب تذاع في أحد البرامج بشكل دوري.

لكن هل يستجير المصريون بأدب الرعب هروباً من رعب الواقع؟

لو فسرنا حالة الإقبال الشديد على أدب الرعب والخيال العلمي والفانتازيا على مستوى القراءة والكتابة بالمعنى السيكولوجي، فمن الممكن أن نقول إنّ هذا النوع من الأدب يعدّ من أساليب مواجهة الخوف، التي ابتكرها الإنسان من خلال الخوف المتخيل الذي يواجه به الخوف الحقيقي، موضحاً أنّ هذه الآلية تسمى "الإشباع البديل"؛ فأنت تواجه هنا خوفاً يتعلق بأحداث وكوارث ودمار يحدث للآخرين، لا للقارئ أو الكاتب، مؤكداً أنّ الكاتب هنا آمن ومستمتع بالتخيل بأحداث تقع على مسافة منه.

ربما عاد ايضا إلى أنّ الشباب يبحثون عن شكل جديد في التعبير عن ذواتهم، التي تعاني حالة عدم الاستقرار التي يواجهها الواقع فى المراحل الانتقالية، والتي يمرّ فيها الإنسان بحالة من الالتباس"، أنّها "محاولة للبحث عن يقين حالي يساعد على مواجهة اللايقين الموجود الآن، يساعد في التعبير عن الذات وتحقيقها والتعبير عن إحساسات مركبة، كنوع من محاولة لمواجهة الواقع المضطرب".

أسباب أخرى

لدينا وفرة في الأدب الاجتماعي والتاريخي مثلاً، بينما في الأعوام القريبة الماضية عانينا، وربما ما نزال نعاني، من نقص شديد في صنوف أدبية مثل: "الخيال العلمي، الرعب، أدب الرحلات، أدب الطفل، ...إلخ"، مضيفاً: "لذلك، أحبّ أن أنظر للأمر من وجهة نظر مختلفة؛ فلا أقول إنّ هناك موجة زيادة عن إصدارات الرعب مؤخراً؛ بل الأصوب: إنّ هناك فجوة قد سُدّت، أتمنى وأنتظر سدّ بقية الثغرات الأخرى قريباً، خصوصاً أنّ الرعب ليس غريباً على تراثنا المحلي أو العربي؛ بل له جذور موغلة في القدم، بداية من "رسالة الغفران" لأبي العلاء المعري، إضافة إلى قصص (الجنّ، العرافين، النبوءات) التي كانت تدخل في نسيج العديد من الملاحم والسير الشعبية".

في رأيي؛ إنّ كلّ (قارئ، كاتب، ناشر) أقبل على الرعب، قد تكون له أسبابه التي تختلف عن نظيره، لكن إذا حاولنا التطرق للأسباب التي تعدّ عاملاً مشتركاً، أكثر من غيرها، بين هؤلاء؛ فلعلّها ترجع إلى: مواقع التواصل الاجتماعي، المنتديات: التي تساهم طوال الوقت، من وجهة نظري، في (إبراز) كلّ ما هو مختلف أو نادر، على الجانب الآخر، لا نغفل سبباً رئيساً آخر في شعبية أدب الرعب حالياً، يتمثل في اسم أحمد خالد توفيق، الذي ساهم في بناء تلك الشعبية، تدريجياً، منذ التسعينيات

أنواع أدب الرعب

وينقسم هذا الجنس الأدبي إلى عدة أنواع منها، الخيال القاتم: وهو نوع من الرعب النفسي، والرعب التاريخي: الذي يستمد مواضيعه من التاريخ حيث تجري أحداث القصص في الماضي أو في أحداث واقعية مرتبطة بالماضي، والرعب النفسي: حيث تولد العقد النفسية التي يعاني منها الأبطال الرعب.

تاريخ أدب الرعب

نعود في البداية إلى التاريخ لتقصي جذور هذا الأدب الذي استلهم منه الكتاب مواضيع أعمالهم، ابتداء من عهد الظلمات في القرنين الثالث عشر والرابع عشر والأهوال التي سادت تلك المرحلة، وأبرزها محاكم التفتيش التي كانت تطارد المتمردين وتحرق السحرة المتهمين وهم أحياء أمام العامة، والملهاة الإلهية لدانتي أليغييري التي تعتبر من روائع الأدب الإيطالي والعالمي، والتي يصف فيها الشاعر ظاهريا رحلته إلى الجحيم والفردوس، لكنه في العمق يتحدث عن ملحمة رحلة الروح باتجاه خالقها، ليعيش القارئ في رحلة دانتي إلى الجحيم، حالة من الرعب والفزع لما يواجه الشاعر من أهوال وفظائع بشرية.

وقد ازدهر هذا الأدب عام 1929 مع حالة الركود الاقتصادي، حيث استقطب المذياع اهتمام الجميع خاصة قصص الرعب التي كانت تأخذهم بعيداً عن واقع همومهم ومشاكلهم، وهكذا تحولت القصص والروايات إلى مسلسلات إذاعية شيقة، لتتبنى السينما بعد ذلك روائع ما كتب في أدب الرعب وتحولها إلى أفلام ساهمت في إحياء وخلود هذا الفن.

 

هوية أدب الرعب

احتل أدب الرعب مكانته في عالم الأدب، وأسست العديد من المجلات والمطبوعات الدورية التي تعنى بهذا الأدب، وخصصت العديد من الجوائز المرموقة منها، (جائزة برام ستوكر) التي تأسست عام 1987 وتمنح سنويا لتسع فئات في أدب الواقع والخيال من الرواية والقصيدة إلى مسيرة الإنجاز، وجائزة جمعية «انترناشيونال هورور غيلد» التي تقدم سنويا في إطار مسيرة الانجاز فتأسست عام 1995، وجائزة «جمعية كتاب الرعب الاستراليين» السنوية التي تأسست عام 2005

آخر المطاف

يُجمع نقاد أدب الرعب المعاصرين أن أدب الرعب فقد هويته في القرن العشرين، وتحول من إشاعة أجواء الخوف والتوتر خلال الأحداث التي يواجهها أبطال أي عمل، إلى الاعتماد على المشاهد العنيفة من قتل وإراقة دماء وتنكيل بالجثث وغير ذلك. وقد عزز هذا التحول كل من الناشرين والفن السابع. أما الكتاّب الذين حافظو على هوية هذا الأدب فأعمالهم لا تتربع على قائمة الكتب الأكثر مبيعا.


الجمعة، 29 مايو 2020

قيس و ليلى

#نهاية_قصة_قيس_وليلى

لحظة الفراق :

حينما أعلن والد ليلى حرمان قيس منها رحل بها إلى تيماء بعيداً عن كلام الناس وهذا ما أجج نيران شوق وغرام العاشقين حتى لمعت نجوم قصيدهما في جانب الغزل والغرام حتى وصل بهما إلى الهيام لا سيما قيس الذي هام في الصحاري على وجهه بحثاً عن أطلال ليلى وعزز فؤاده بالصبر على أمل لقيا ليلى وفي ذلك يقول :

ألا أيها القلبُ اللجوجُ المعذلُ

أفقء على طلاب البيض إن كنت تعقلُ

أفقء قد أفاق الوامقون وإنما

تماديك في ليلى ضلال مضلل

سلا كل ذي ود عن الحب وارعوى

وأنت بليلى مستهام موكل

إلى أن قال :

تعزّ بصبر واستعن بجلادةٍ

فصبرك عمن لا يواتيك أجمل

فحبي لها حب مقيم مخلدُ

بأحشاء قلبي والفؤاد معلل

أما ليلى فاحتضن فؤادها قسوة العشق والفراق حتى انفطر ألماً ومما يؤكد ذلك ما رواه ابن قتيبة في كتابه الشعر والشعراء ص : 735(أنه خرج رجل من بني مرة إلى الشام مما يلي تيماء فإذا هو بخيمة عظيمة وقد أصابها المطر فتنحنح فإذا امرأة قد كلمته فقالت انزل فنزلت وراحت إبلهم وغنمهم فقالت يا عبد الله أي بلاد نجد وطئت ؟ فقلت كلها قالت بمن نزلت فقلت ببني عامر فتنفست الصعداء ثم قالت هل سمعت بذكر فتى يقال له قيس يلقب بالمجنون فقلت أي والله نزلت بأبيه وأتيته ونظرت إليه قالت وما حاله قلت يهيم في تلك الفياض ويكون مع الوحش لا يعقل ولا يفهم إلا أن تذكر له ليلى فيبكي وينشد أشعاراً يقولها فيها قال فرفعت الستار بيني وبينها فإذا شقة قمر لم تر عيني مثلا قط فبكت وانتحبت حتى ظننت والله أن قلبها قد انصدع فقلت أيتها المرأة أما تتقين الله فمكثت طويلاً على تلك الحال من البكاء ثم قالت :

ألا ليت شعري والخطوب كثيرة

متى رحل قيس مستقل فراجعُ

بنفسي من لا يستقل برحله

ومن هو إن لم يحفظ الله ضائعُ

ثم بكت حتى غشي عليها فلما أفاقت قلت ومن أنت يا أمة الله ؟ قالت أنا ليلى المشؤومة عليه غير المواسية له فما رأيت مثل حزنها عليه.

روح ليلى تسبق قيس إلى القبر... 

رحلت ليلى عن الحياة دون أن تودع قيساً وداعاً حاراً يعبر عن ما يجول في خاطرها تجاهه كما أنها تركته دون أن يلقي إليها النظرة الأخيرة وقد وجد في الديوان المنسوب إلى أبي بكر الوالبي نص قاطع بوفاتها قبله وذلك أنه مر به فارسان فنعيا إليه ليلى وقالا له مضت لسبيلها فقال :

أيا ناعيي ليلى بجانب هضبة

أما كان ينعاها إلي سواكما

ويا ناعيي ليلى بجانب هضبة

فمن بعد ليلى لا أمرت قواكما

ويا ناعيي ليلى لقد هجتما لنا

تباريح نوح في الديار كلاكما

فلا عشتما إلاحليفي مصيبة

ولا متما حتى يطول بلاكما

ثم مضى حتى دخل ديار ليلى واهلها فقدم عليهم وعزاهم وعزوه وقال دلوني على قبرها فلما عرفه رمى بنفسه عليه وأنشد :

أيا قبر ليلى لو شهدناك أعولت

عليك نساءُ من فصيح ومن عجم

ويا قبر ليلى أكرمن محلها

يكن لك ما عشنا بها نعم

ويا قبر ليلى ما تضمنت قبلها

شبيها لليلى ذا عفاف وذا كرم

ولم يطل الزمان بقيس حيث لحق بمعشوقته سنة 70هـ وبذلك أسدل الستار على رواية صاغ الزمان أحداثها فقرأها سكان الأرض بكل اللغات وبقيت شاهداً على جمال العشق وتباريحه لكل من وقع عليه ماوقع على العاشقين وقد حاول العديد من الأدباء والشعراء صياغة العشق الخالد في قوالب فنية كما فعل أحمد شوقي في مسرحيته حول هذا الجانب لكنهم جميعاً لم يستطيعوا أن يقدموا لقارئ اليوم ما يرضي نهمه ويشبع رغبته.
#كريم_إبراهيم

الأحد، 15 مارس 2020

سجين نفسي

سجين نفسي 

سجين نفسي و ملء الكون أحزاني
سجين نفسي و لا أدري من الجاني
ألوم نفسي على فعلي 
على أفعال بني عربي
و كل الكون سجاني 
و جلادي 
ألوم نفسي على الماضي
على الحاضر على الآتي
ولا أدري أ يحكم القاضي بتبريئي ؟
من الأيتام في عراقي
من المكلوم فلسطيني
من اللاجئ على حدودي
تسامحني أيا سوري ؟
من الجائع في يمني
أو الثائر لبناني
من الصامت المصري
أو المسجون سعودي
أ لم نكن فيما مضى ؟
وطن واحد بلا حدود
تجمعنا محبتنا و عود الأم مسنود
ففصلت بيننا أزمان 
و صنعت بيننا أخدود
و سيف كان يجمعنا
فأصبح عند كل حدود
ليجمع أعناق و يرفعها
شهيدا بعد كل شهيد
ينادي باسم صناعه
و يدعو أن نعود جنود 
جنود الله في أرضه
و لسنا جنود كل عنيد
سجين نفسي و ملء الكون أحزاني
سجين نفسي و لا أدري من الجاني 
و لا أدري متى يحكم القاضي بتبريئي؟
و يبدو أنه يحكم بذاك يوم تأبيني 

#كريم_إبراهيم

و يجعل الله فيه خيرا كثيرا

و يجعل الله فيه خيرا كثيرا قال تعالى : ( وَعَاشِرُوهُنَّ بِٱلْمَعْرُوفِ ۚ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَىٰٓ أَن تَكْرَهُواْ شَيْـ...